فارس التوم
Jan 25

فك شيفرة المشتتات المغروسة

ما زلتُ أذكر جيداً اللحظة التي صرخ فيها صوتي الداخلي قائلاً: لماذا؟

صحيحٌ أنها كلمة واحدة فقط لكنها كانت تخفي خلفها عشرات الأسئلة:
لماذا رغم كل ما تعلمته ما زلت أغضب ويجن جنوني على شيء تافه حصل في علاقتي العاطفية؟
لماذا رغم كل كورسات الوعي التي التحقتُ بها ما زلت عاجزة عن التحرك ولو خطوة نحو المستقبل العظيم الذي أخبرني عنه الجميع؟
لماذا التغيير يحدث في عقلي، ولكن لا شيء في الواقع! لا شيء!
وكأنني في سجن، أو ربما لعنة صبَّها علي أسلافي لكيلا أخلق أبعد مما خلقوه.
حقيقةً هل الأمر كذلك أم هو أعمق، أعمق بكثير، إلى درجة أنه قد أصبح مغروساً فيَّ، فظننته جزءاً لا يتجزأ مني، ظننته أنا، لكنه ليس كذلك، إنها المشتتات المغروسة، والآن تعال معي في رحلة ممتعة نتعرف من خلالها على المشتتات المغروسة، وكيف تتحكم بنا، وأجمل ما في الأمر أننا سندرك في النهاية الإمكانيات التي تنتظرنا حين نفككها.

ما هي المشتتات المغروسة؟

إنها مشتتات غُرست فينا كبذرة سامة، تدفعنا لإيقاف أنفسنا بدلاً من توسيعها، تدفعنا للجنون بدلاً من الخلق، إنها كالسد الذي يجعلك تظن أنه ليس هناك ما هو أبعد منه، لكن صدقني، هناك ما هو أبعد بكثير، لستُ وحدي من يقول هذا، هناك أيضاً الكثيرون ممن استطاعوا تجاوز هذا السد، ورؤية ما هو أبعد.

وها هي بعض المشتتات المغروسة لنعرف الفضاء الذي نتحدث فيه:
الغضب، اللوم، الذنب، العار، الحب، الكراهية، السلام..
ولكن عن ماذا تشتتنا؟ إنها تشتتنا عما هو حقيقي، تشتتنا عن كياننا، عن أن نكون ما نحن عليه حقاً، عن إدراك عظمتنا وبصمتنا الخاصة التي لطالما أخبرنا صوتنا الداخلي أننا نمتلكها، إنها ما يجعلنا نقف مكتوفي الأيدي رغم كل الوعي الذي اكتسبناه، هي ما تُشعرنا بالعجز عن إحداث تغيير حقيقي في واقعنا وخلق مستقبل يشبهنا، هي ما تصبّ علينا لعنة: (الماضي يعيد نفسه)، وهي ما تجعلنا نعود لما كنا عليه بدلاً من اختيار ما يمكننا أن نكونه حقاً، ما تريد أجسادنا أن تعيشه، وما تتوق إليه أرواحنا.


كيف تتحكم بنا المشتتات المغروسة:

أثق أنه إذا وصلت يا قارئي إلى هنا فهذا يعني أنك تعرف مسبقاً الكثير عن عالم الوعي، ربما أخذت عشرات الدورات والتحقت بالعديد من البرامج التدريبية، أنا أيضاً فعلت ذلك، لكن لماذا في نقطة معينة نشعر أننا عالقون، وكأننا عدنا أدراجنا إلى نقطة الصفر، وكأن أموالنا التي صرفناها على الدورات قد ذهبت هباء والساعات التي قضيناها في الاستماع كانت وقتاً ضائعاً.

ما الكذبة هنا؟ وما الحقيقة؟

منذ كنا صغاراً تم إقناعنا أن ما نُطلق عليه الآن: مشتتات مغروسة، ما هو إلا مشاعر طبيعية موجودة لدى الجميع، من الطبيعي أن يغضب الناس ويصرخون، أو يكبتون غضبهم في داخلهم خوفاً على مشاعر الآخر، من الطبيعي أن نشعر بالذنب إن عاتبنا أحدهم، من الطبيعي أن تشك المرأة في زوجها وتغار عليه فهي تحبه..

تحذير: العبارة الأخيرة وحدها تحوي الأطنان من المشتتات المغروسة!

تمت برمجتنا طويلاً على أن هذه الأمور طبيعية وتحدث للجميع، لا أقول إنها غير طبيعية، ولكن هل أدركت يوماً أن كل شعور مما سبق ذكره يشبه الصمغ، ما إن يقترب منه أحدهم حتى يلتصق به بقوة؟

مثال: هل سبق ورأيت شخصاً غاصباً عاد إلى رشده في غضون دقيقة؟

الحقيقة هي أننا نعلَق في هذا المكان، وكأننا فجأة طُرِدنا من بيتنا الدافئ وتم نفينا إلى غابة نائية، لا شيء بات يهمنا سوى حماية أنفسنا من الحيوانات المفترسة التي قد تظهر في أي لحظة، إنه فضاء لا نستطيع معه أن نخلق المستقبل، فكل ما فينا مشغول في المحافظة على البقاء فقط، ومهما طورنا أنفسنا وتعلمنا من وعي لا شيء يستطيع إلغاء هذا الشعور المرعب في كبسة زر، حين تشعر أنك محاصر.. مسجون.. عالق في مربع ردة الفعل.. هكذا تتحكم بنا المشتتات المغروسة، حين صدقناها واقتنعنا أنها أمور طبيعية لا سُلطة لنا عليها، بل أصبحت أيضاً نقطة ضعف يستطيع الآخرون من خلالها أن يتسللوا لكي يتحكموا بنا.

فسحة للتنفس: خذ نفساً عميقاً واسأل:

ما أكبر مشتت موجود الآن و يعيق حياتي عن التوسع؟

ما الذي يستخدمه الآخرون معي أو أستخدمه أنا ضد نفسي ويدفعني لأدمرها بدلاً من خلقها وأزهارها؟

تفكيك المشتتات المغروسة لرؤية ما هو أبعد منها:

أذكر أنني قرأت ذات مرة عبارة تقول:

لم يعد أحد من الحب سالماً ليخبرنا ما الذي يجري هناك!

أعرف أنه اقتباس مضحك، لقد ضحكت أيضاً وأنا أكتبه، ولكن حقيقةً هل سبق ورأيت أحداً قد عاد سالماً من الحب؟ أو من الغضب؟ أو من اللوم والذنب والعار؟

لا أحد يعود منهم سالماً، يبدو كأنه خط واحد، ذهاب بدون إياب، ولكن ماذا لو كان هناك ما هو أبعد؟

ماذا لو كانت هناك زاوية أخرى تستطيع أن ترى من خلالها شيئاً مختلفاً؟

ماذا لو أدركت أن كل هذه المشتتات المغروسة ما هي إلا طاقة عظيمة أخبرونا أنها لا تستخدم إلا في التدمير؟

ماذا لو توقفت قليلاً أمام الغضب وأبصرت باطنه؟

ماذا لو استخدمت تلك الطاقة المشتعلة في بناء مستقبلك بدلاً من تدميره؟

ماذا لو بدلاً من رؤية نفسك عالقاً في سجن الغضب أو اللوم والعار توقفت قليلاً لتسأل:

حقيقةً من أكبر؟ أنا أم الغضب؟

هل أنا العالق به أم هو الطاقة العالقة بي والتي تبحث عن طريقة لتصريفها؟

ماذا لو تعلمت طرقاً جديدة ومنعشة لتصريف تلك الطاقة بأسلوب يبنيني بدلاً من أن يدمرني؟

ماذا لو رأيت أبعد مما أخبرني به الآخرون؟

ماذا لو استخدمت عينيّ للرؤية بدلاً من أعين والديّ وعائلتي وزملائي في العمل؟

ماذا لو كنت أول من يعود من الحب سالماً ليختار شيئاً مختلفاً ويعيش علاقة خلّاقة؟

كل هذا بإمكانك أن تلمسه بمجرد إدراكك للطاقة بدلاً من رؤية المشتت بالطريقة التي شكلها به الجميع.

و اخيراً

بعد أن فككنا سوياً شيفرة المشتتات المغروسة، وأصغينا معاً إلى القليل من همسات العالم الذي ينتظرنا خلفها، أثق أنه قد بدأت تتراود إلى ذهنك أسئلة من فضاء مختلف، فضاء توسع بدلاً من انكماش، فضاء بناء بدلاً من تدمير، فضاء خلق بدلاً من شكوك.

ولكي تحصل على وعي أعمق فيما يخص المشتتات المغروسة ورؤية أشمل للعالم الذي ينتظرك أبعد منها، بإمكانك الآن التسجيل في الماستر كلاس المجاني الخاص بي: "اختيارات ملهمة لواقع جديد" عبر الضغط على الرابط في الأسفل، وسوف يضمن لك هذا الحصول على تدريب مجاني متميز وغوص أعمق في عالم الإلهام.

التسجيل سوف ينتهي قريباً، سارع في حجز مقعدك.

أنتظرك لنبدأ!


Created with