هل سمعت من قبل أن "مايكل جاكسون" بنى بيتاً على شكل مخبأ في شجرة ضخمة سمّاها "شجرة الوحي" وألّف في ذلك البيت كثيراً من أغانيه، حيث كان يصعد إليه متسلقاً سلماً من الأغصان، ويجلس طويلاً مستشعراً الإلهام في أحضان الطبيعة؟
هل استفزتك كاتبة الروايات البوليسية الشهيرة "أجاثا كريستي" حين قالت إن معظم أفكار كتبها جاءت إليها وهي تغسل الصحون، حيث كتبت حوالي 80 رواية، بيعت منها مليار نسخة! نعم مليار!
هل أثار فضولك الفيلم الذي تحدث عن قصة حياة ستيف جوبز وكيف أنه بدأ العمل في مرآب منزل والديه، وانتهى به المطاف ببناء شركة آبل التي بلغت قيمتها 2 تريليون دولار، وأصبحت أيقونة تفاحه أشهر من تفاحة نيوتن؟
هل تساءلت يوماً عن الإلهام الذي يحدث مع هؤلاء الناس وكيف تنزَّل عليهم؟
علينا أنْ نعرف أولاً أنّ العالم الآن يبتعد عن الكم ويتجه إلى الكيف، إذ لا يهم إن كانت لديك ألف فكرة أو 20 بزنس، ما يهم حقاً هو ما يمكن لفكرة واحدة مشبعة بذبذبات الإلهام أن تُحدثه في واقعك، إذاً ليس بالضرورة أن تدور في ذهنك عشرات الأشياء، يكفي ومضة لمعت فجأة فحركتك ل تقوم بفعل ما، أو عبارة صادفتها في مكان واستشعرت أنها تسللت إلى داخلك وغيرت شيئاً ما. ولكنْ.. ما هذا؟ وكيف يمكنني الحصول عليه أنا أيضاً لأستخدمه في بناء مستقبلي؟
هذا ما سنتعرف عليه سوياً في سطور المقال، حيث سنبدأ باستشعار حس الإلهام، عبر معرفة ماهيته، وكيفية أداء الرقصة الأولى معه، لخلق واقع متناغم ومختلف بشكل كامل.
ما هو الإلهام؟
هل الكتابة وُجدت أولاً أم الكاتب؟ هل الأفكار وُجدت أولاً أم المفكّر؟
الإلهام إيقاعٌ وُجد قبلك ويريد بشدة أن يُعزف من خلالك، هو كلمة صوفية بمعنى:ما يُلقى في الروح بطريق الفيض، أي ما وقع في الداخل من معرفة، وهو دائماً متبوع بحركة، فالإلهام يدعوك إلى العمل من غير استدلال بعلامة منطقية أو حجة، وهو ما تُبنى عليه الفنون والحضارات والثقافات، بل حتى التقدم التكنولوجي.
فسحة للتنفس: خذْ نفساً عميقاً وتخيلْ معي.. أول طائرة.. أول هاتف.. أول تلفاز.. هل بإمكانك أن تستشعر الفضاء الذي كان فيه المخترعون؟
لقد كانوا ملهَمين بشيء، لا دليل مادي في عصرهم على نجاحه أو حتى وجوده، وكأن الفكرة كانت تطير في الفضاء بانتظار من يلتقطها، وكانوا هم أول من التقطها، لم يقوموا بمحاكاة لتجربة سابقة، بل حتى إن بعضهم تم وصفه بالمجانين فقط لأنهم لم يتبعوا الوعي الجمعي في ذلك الوقت، إذ كان محركهم الأساسي:
"قوة الإلهام" إنها أعظم قوة ناعمة بإمكانها أن تخلق الكثير.
هناك فرق بين الإلهام والإعلام، فالإلهام أخص، وهو عبارة عن نداء داخلي عميق يقول: "هناك شيء ما من أجلك، يريد أن يظهر من خلالك أنت فقط"أما الإعلام فهو شيء معروف مسبقاً ويبدو منطقياً للجميع، وهذا هو نفس الفرق بين العلم والمعرفة والإدراك.
يقول ابن القيم: "العلم اللَّدُنّي: هو العلم الذي يقذفه الله في القلب إلهاماً بلا سبب من العبد أو استدلال ولهذا سُمِّي لَدُنِّياً".
كيف يمكنني الحصول عليه؟
هل يحتاج الشخص لأن يتفرغ ويجلس في صمت تام إلى أن يأتيه الإلهام؟ لو كان هذا صحيحاً فكيف إذاً استطاع نجيب محفوظ أن يكتب روائعه وهو يعمل موظفاً بدوام كامل على مدى ثلاثة عقود؟!
إنّ الطرق المتنوعة التي استخدمها الناس لاستحضار الإلهام مثيرة للدهشة وأحياناً مضحكة، فلقد سمعت مرة عن كاتب فرنسي انتقل للعيش في حديقة حيوانات وأغلق على نفسه في قفص بحثاً عن الوحي، وهناك كاتب كان يقصد المقبرة ليكتب، وهناك من أبدع في السجن، وابن خلدون أيضاً كتب معظم مقدمته وهو في المغارات هرباً من الجواسيس الذين كانوا يطاردونه، أما نزار قباني فقد قال إنه كان يستيقظ كل صباح ويجهز نفسه وكأنه على موعد مع ضيف مهم ويجلس بكامل أناقته أمام مكتبه، دون أن يدري ماذا سيكتب، هكذا كتب كل قصائده، دون تخطيط مسبق، وكثيرون استمدوا إبداعهم من الرياضة مثل باولو كويلو الذي كان يعشق المشي، ونيتشه الذي قال: "كل الأفكار العظيمة تولد أثناء المشي"
ربما تتساءل الآن: كيف أحصل أنا على إلهامي الخاص؟
بما أن الإلهام كلمة صوفية، فإن أجمل ما قد تسمعه عنها هو رأي جلال الدين الرومي الذي كان أول من يثير فضولنا عن عالم التصوف، إذ يقول:
"الإلهام الذي تبحث عنه موجودٌ في داخلك مسبقاً، اصمت وأنصت"
إنّ الإلهام يتجلى في الحضور التام، حين تكون حاضراً هنا والآن بكامل كيانك، لا يهم إن كنت في دوام ممل أو حتى قفص كما شاهدنا في الأمثلة السابقة، كل ما يهم هو أن تستشعر حضورك الكلي في جسدك وفي اللحظة، حينها سيتهادى إلى سمعك إيقاع الإلهام من أبسط الأشياء في حياتك، ستبدأ بإدراك تلك الهمسات غير المنطوقة من كل شخص وشيء في الطبيعة، ستعمل كل الأحداث لتوجيهك لما فيه خير لك، لذلك تجد الكثير من الفنانين يقضون إجازتهم في جزيرة نائية، يريدون أن يكونوا حاضرين تماماً مع داخلهم، وحين يعودون للعمل يبدعون بطريقة أكبر. لا يوجد وصفة واحدة بإمكانها أن تحضّر لك روح الإلهام وتوقد شرارة الإبداع في داخلك سوى الحضور.
والحضور أمرٌ نسبي، إذ نجد أنّ البعض يكون حاضراً عندما يعم الهدوء المكان، فيتسلل إليه ذلك الهدوء وتبدأ أفكاره بالتلاشي وحضوره بالتجلي، وهناك من يفضل الذهاب إلى الأماكن المليئة بالضجة والسرعة، لكي يتعب دماغه من محاولة مجاراة الصخب فيصاب بحالة من الخدر الفكري تتلاشى معها أفكاره ويزداد حضوره شيئاً فشيئاً.
فسحة للتنفس: الآن.. خذ نفساً عميقاً واسأل:
ما هو المكان الذي إذا كنت فيه أو الشيء الذي إن فعلته سأكون أكثر حضوراً؟
ما هي الطقوس والظروف المهمة بالنسبة لي؟
كيف تتعامل معة لتغير واقعك؟
هل تتذكر ذاك المساء الذي مشيت به على الشاطئ واستشعرت حبات الرمل وهي تتغلغل أسفل قدميك؟ هل بإمكانك أن تستحضر اللحظة التي كنت جالساً فيها على كرسي الحديقة تتحدث مع أحدهم فجاءت نسمة هواء داعبت وجهك وجعلتك تنسى ما كنت تقوله وتبتسم؟ هل صادفك ذات مرة أن كنت مستعجلاً في الشارع لكنك توقفت فجأة حين رأيت زهرة جميلة نمت بطريقة غير متوقعة على زاوية الرصيف؟
إنها اللحظات التي تكون فيها مُلهَماً، إنها اللحظات التي تستشعر فيها أن كل شيء من حولك له إيقاع مختلف، لكنهم معاً يشكلون سمفونية رائعة متناغمة رغم الاختلاف.
في المرة القادمة التي تدرك فيها أنك في ذلك الفضاء ابدأ باستغلاله في تكوين وتوليد أشياء من شأنها أن تغير واقعك بالكامل.
ولكن كيف هذا؟
الطاقة تعتني بنفسها، كل ما عليك فعله هو أن تستقبلها، أنعِش جسدك بهذه الطاقة الجديدة التي لم يعتد عليها، املأه بتلك الذبذبات بدون أن تطلق حكماً أنه شيء تافه لا يستدعي توقفك ولفت انتباهك، بدون أن تفكر أنك إن أخبرت أحدهم بجمال تلك الزهرة أو الغيوم في تلك اللحظة فسوف يضحك عليك ويتهمك بالجنون، هذا فضاؤك الخاص، كن فيه وحدك، لا تسمح لأحد باقتحامه أو التقليل منه أو تدنيسه، دع تلك الطاقة تذوب وتحيي كل خلية من جسدك، إلى أن تدخل في تركيب الـDNA الخاص بك وتغيره، لا تقطع هذه العملية بالبحث في التفاصيل أو المنطق أو المواضيع اللوجستية، عليك أن تعرف أنه يوجد في أدمغتنا آلية حماية، تحاول فوراً أن تقودنا للتفكير لكي تقطع تلك الحالة، ظناً منها أننا في خطر، لكن جسدك يعرف أنه ليس في خطر، بل على العكس، إنه جائع ومتعطش إلى تلك الطاقة، لذا اسمح له أن يتشبع بها، اسمح لقوة الإلهام أن تغمر جسدك، حينها، وفقط حينها، سوف تتحرك لوحدك بدون تخطيط مسبق للقيام بشيء مختلف واتخاذ إجراءات ملهمة، أو قد يتحرك ما حولك ليتسخر لك ويخدمك بطريقة لم تشهدها من قبل، سيحدث هذا حتماً إن كنت حاضراً ومستعداً لاستقبال ذلك، وهذا بالضبط ما سوف نبحر فيه أكثر في برنامج مفاتيح التجلي السبعة.
Empty space, drag to resize
والآن بعد أن تعرفنا سوياً على الإلهام، ومن أين يأتي، وكيف بإمكاننا أنْ نؤدي رقصتنا الأولى معه، وبدأت تطرق بابك أسئلة خلّاقة عن مصدر الإلهام الخاص بك والظروف التي تشعل شرارة إبداعك لتدفعك إلى اتخاذ إجراءات ملهمة من شأنها أن ترسم لك خط حياة مختلف، أدعوك للتسجيل في الماستر كلاس المجاني الخاص بي: "اختيارات ملهمة لواقع جديد" عبر الضغط على الرابط في الأسفل، وسوف يضمن لك هذا الحصول على تدريب مجاني متميز وغوص أعمق في عالم الإلهام.
أنتظرك لنبدأ!